همس الجنون         
المؤلف:
القسم: قصص
دار النشر: دار الشروق
سنة النشر: 1938
عدد الصفحات: 319
رقم ISBN للكتاب: 9770916080

"ما الجنون؟؟ إنه فيما يبدو حالة غامضة كالحياة والموت، تستطيع أن تعرف الكثير عنها إذا أنت نظرت إليها من الخارج، أما الباطن، أما الجوهر، فسر مغلق. وصار هنا يعرف الآن أنه نزل ضيفاً بعض الوقت بالخانكه ويذكر، الآن أيضاً، ماضي حياته كما يذكره العقلاء جميعاً، وكما يعرف حاضره، أما تلك الفترة القصيرة، قصيرة كانت والحمد لله، فيقف وعيه حيال ذكرياتها ذاهلاً حائراً لا يدري من أمرها شيئاً تطمئن إليه النفس. كانت رحلة إلى عالم أثيري عجيب. مليء بالضباب، تتخايل لعينيه منه وجوه لا تتضح معالمها، كلما حاول أن يسلط عليها بصيصاً من نور الذاكرة ولّت هاربة فابتلعتها الظلمة. وتجيء أذنيه منه أحياناً ما يشبه الهمهمة وما إن يرهف السمع ليميّز مواقعها حتى تفر متراجعة صمتاً وحيرة. ضاعت تلك الفترة السحرية بما حفلت من لذة وألم، حتى الذين عاصروا عهدها العجيب. قد أسدلوا عليها ستاراً كثيفاً من الصمت والتجاهل لحكمة لا تخفى، فاندثرت دون أن يتاح لها مؤرخ أمين يحدث بأعاجيبها. ترى كيف حدثت؟! متى وقعت؟ كيف أدرك الناس أن هذا العقل غدا شيئاً غير العقل؟ وأن صاحبه أمسى فرداً شاذاً يجب عزله بعيداً عن الناس كأنه الحيوان المفترس". يقول نجيب محفوظ في إحدى مقابلاته بأن متعته الكبرى تلك الساعات التي كان يجلس فيها على ناصية حي من الأحياء الشعبية. وذاك حقاً ما يحس به القارئ وذلك عند مضيه في قراءة نجيب محفوظ من خلال مجموعته القصصية "همس الجنون". لم يكن ذاك الكاتب مجرد ناقل لتلك الصور التي حرّكت مشاهد سردياته الحكائية؛ إلا أنه كان متقناً في تصويره للنفس الإنسانية على اختلاف الشخصيات التي حفلت بها قصصه. كان صادقاً إلى حد يجعل القارئ وقد انسلخ عن مكانه منتقلاً والكاتب إلى عالمه المليء بتلك الحكايات التي تمثّل بتحليلاتها وباسترسالاتها جزءاً من الواقع، بل الواقع كله.

Buy from Google Play
Buy from Alibris
Buy from GoodReads
 
About the Author
نجيب محفوظ

ولد في 11 ديسمبر 1911. حصل على ليسانس الآداب قسم الفلسفة عام 1934. أمضى طفولته في حي الجمالية حيث ولد، ثم انتقل إلى العباسية والحسين والغورية، وهي أحياء القاهرة القديمة التي أثارت اهتمامه في أعماله الأدبية وفي حايته الخاصة. حصل على إجازة في الفلسفة عام 1934 وأثناء إعداده لرسالة الماجستير وقع فريسة لصراع حاد بين متابعة دراسة الفلسفة وميله إلى الأدب الذي نما في السنوات الأخيرة لتخصصه بعد قراءة العقاد وطه حسين. تقلد منذ عام 1959 حتى إحالته على المعاش عام 1971 عدة مناصب حيث عمل مديراً للرقابة على المصنفات الفنية ثم مديراً لمؤسسة دعم السينما ورئيساً لمجلس إدارتها ثم رئيساً لمؤسسة السينما ثم مستشاراً لوزير الثقافة لشئون السينما.

بدأ كتابة القصة القصيرة عام 1936 وانصرف إلى العمل الأدبي بصورة شبه دائمة بعد التحاقه في الوظيفة العامة. عمل في عدد من الوظائف الرسمية ونشر رواياته الأولى عن التاريخ الفرعوني. ولكن موهبته ستتجلى في ثلاثيته الشهيرة (بين القصرين، وقصر الشوق، والسكرية) التي انتهى من كتابتها عام 1952 ولم يتسن له نشرها قبل العام 1956 نظرا لضخامة حجمها. نقل نجيب محفوظ في أعماله حياة الطبقة المتوسطة في أحياء القاهرة، فعبر عن همومها وأحلامها، وعكس قلقها وتوجساتها حيال القضايا المصيرية. كما صور حياة الأسرة المصرية في علاقاتها الداخلية وامتداد هذه العلاقات في المجتمع. ولكن هذه الأعمال التي اتسمت بالواقعية الحية لم تلبث أن اتخذت طابعا رمزيا كما في رواياته "أولاد حارتنا" و"الحرافيش" و"رحلة ابن فطومة".

بين عامي 1952 و1959 كتب عددا من السيناريوهات للسينما، ولم تكن هذه السيناريوهات تتصل بأعماله الروائية التي سيتحول عدد منها إلى الشاشة في فترة متأخرة ومن هذه الأعمال "بداية ونهاية" و"الثلاثية" و"ثرثرة فوق النيل" و"اللص والكلاب" و"الطريق". صدر له ما يقرب من الخمسين مؤلفا من الروايات والمجموعات القصصية. ترجمت معظم أعماله إلي أكثر من ثلاثين لغة.