ثلاثة مباحث في نظرية الجنس
حين صدر هذا الكتاب قبل تسعين سنة كان له وقع الفضيحة.
ففرويد يطرق فيه ميداناً تحوطه المحرّمات في العادة ، هو ميدان الحياة الجنسية.
وهو يطرقه بجرأة وبلغةٍ صريحةٍ لا تعرف التحرّج.
ثم إنه يتناول الجانب الذي يحوطه أعظم التحرّج من الحياة الجنسية ، ألا وهو جانب اللانحرافات الجنسية ، فيُعيد تعريفها وتصنيفها ويربطها بمسبباتها.
وأخطر مباحث هذا الكتاب وأكثرها تجديداً هو البحث المتعلّق بالحياة الجنسية عند الأطفال ، وهو المبحث الذي أحدث انقلاباً ، بكل ما في الكلمة من معنى ، في تصوّر الإنسان .
الجنس ومعناه الإنساني
يدور هذا البحث حول مناقبيّة الجنس،(...) مناقبيّة الجنس في منظار كهذا، هي أن يحقق الجنس مرماه الإنساني. لذا لا يمكن تحديدها بالاستقلال عن دراسة الجنس كما يتجلى عند الإنسان. هذا لا يعني أنه من الممكن تحديد هذه المناقبيّة عن طريق الاستنتاج العلمي البحت. فالعلم، من حيث هو علم، يصف ما هو كائن وليس من شأنه أن يحدد ما ينبغي أن يكون. عالم القيم خارج عن متناوله. لذا فالبحث في مناقبيّة الجنس يفترض تقييماً للجنس مرتبطاً بنظرة شاملة إلى الإنسان ومعنى وجوده. ولكن لا بد لهذا التقييم، إذا شاء أن يكون متأصلاً في مقتضيات الكيان الإنساني، أن يتخذ معطيات علوم الإنسان منطلقاً له، حتى لا يكون المعنى الذي يضفيه على الجنس غريباً عنه بل نابعاً من صميمه.هذا ما سنحاول تحقيقه.
المزيد →